......قبّلت أشعة الشمس الصيفية وجه طاولتي العاجية الطفلة....عبر زجاج مزخرف يعبق بالعراقة...في ذلك المقهى العجوز الذي انحنى سقفه الخشبي من ثقل الذكريات..واستند على أعمدة مزخرفة بنقوش أندلسية...مغربية صرفة..
..تسرّبت قشعريرة لذيذة إلى كل أوصالي ...وأنا استنشق أريج قهوة عربية أصيلة...بنشوة طفولية سيطرت على كلّ حواسي...وجرّدتني من سلاح عبوسي الذي ألبسه في يومي..لتتركني مجرّد طفلة هشّة...بعيون متلألئة..انتشاءا بهذا الأريج المغري..الذي يغويني بشربه..
واكتفيت بتنهيدة تأسف حارّة...وأنا ألتفت إلى كوب عصير برتقالي اليتيم...كان يبدو برّاقا..قبل ذاك السحر الأصيل..
يـــــــــــالله...كم هو عربي جو هذا المقهى....بزخرفة نوافذه ....ونقوش أعمدته...وصور عريقة قد حملت في أحشائها..سُمرة آسرة...فتية..تضحك في وجهي...فشعرت بحياتها لبرهة لشدة تأثري بالجو....،حتى ذلك المذياع الذي استعمر كل زوايا المقهى...بصوت دافئ حنون...تعانقه موسيقى عريقة من أدب الملحون...وتكسوه حشرجة أليفة...تجعلك تشعر بانفعالات غريبة تخترق جسدك...وتغمرك بحرارة مألوفة...، كان صوتا لمغني يتغنّى بالحب ..وعذاباته..ويناشد شمعة ..كي لانتطفئ....ويسترسل في مناجاة ليل آسر..حمل في أحشائه وعودا..أضاء دربها ضوء القمر..
.....يــــالله...كم اشعر بالإنتماء...وأنا في حضن مقهاك ياعم حسن..، كم هو فريد رائع..
وكأنه خارج حلقة الزمن...
حرّرت تنهيدتي وأنا أبتسم...وأتأمل الشارع عبر الزجاج المزخرف..وأحرك ملعقتي الصغيرة...بكوب عصير البرتقال الذي أهملته وأنا اسافر في روعة المكان.....، رفعته إلى فمي...وأنا أسند خدّي على صفحة معصمي..وأدندن اللحن الذي ألبس المكان عباءة من آصالة..
يتبع..
بقلم zvix
المفضلات