عيون وآذان (حظي من الحسان... شم ولا تذوق)
عيون وآذان (حظي من الحسان... شم ولا تذوق)
الاربعاء, 05 أكتوبر 2011
جهاد الخازن
هذه السنة لم أسافر إلى بيروت مرة أو أعود منها (وخياري دائماً طيران الشرق الأوسط) إلا وكانت إلى جانبي شابة حسناء. وأريد أن أقول: «رضا الوالدين». إلا أن الموضوع اكثر تعقيداً من ذلك فما يرضي الوالدين قد لا يرضي أهل البيت.
في كل مرة جلست إلى جانبي حسناء، وصل الخبر إلى العائلة قبل أن اصل إلى البيت فالسفر في الطائرة اللبنانية زيارة أيضاً، والناس تعرف بعضها بعضاً، والركاب يتنقلون بين المقاعد للحديث. وكنت في حديث مع الحسناء جارتي، وأفكر في الأغنية القديمة «ساكن قصادي وبحبّه» عندما اقتربت منا صديقة للعائلة وأفهمتْ الشابة أنها بين اعز أصدقاء زوجتي وموكلة بالدفاع عن مصالحها.
وحدث مرة أن وجدت إلى جانبي في الرحلة إلى لندن سيدة وابنتها الشابة، وعدت إلى بيروت بعد أسبوعين وفوجئت بأنهما عائدتان أيضاً، وأننا نجلس في مقاعد يفصلها ممر فقط. وما كنا تحدثنا لولا أن البنت تخاف ركوب الطائرات، وحاولت أن اجعلها تنسى الموضوع بدعوتها إلى حضور برنامج للشباب تنظمه مؤسسة الفكر العربي، فقد وجدت أنها تدرس في الجامعة التي تخرجت فيها زوجتي.
في رحلتي الأخيرة من بيروت إلى لندن يوم الأحد الماضي كان حظي افضل من جلوس شابة حسناء إلى جانبي. كيف وميولي لم تتغير؟ كان الجالس هذه المرة المغني الكبير راغب علامة، وهو صديق عزيز حديثنا عادة يتجاوز الفن إلى السياسة والثقافة وكل شيء، فله نشاط اجتماعي ويساهم في أعمال خيرية كثيرة. (وجدت إلى جانبي في الطائرة إلى جدة السنة الماضية صديقاً عزيزاً آخر هو محمد عبده الذي أرجو أن يكون استرد صحته).
جلوسي إلى جانب راغب علامة أدى إلى تكاثر الشابات حولنا طلباً لصور معه، ولعبت دور الوكيل من دون أن احصل على اجر في حدود عشرة في المئة كالعادة.
إذا كان القارئ يحسدني أن أحظى بمجاورة الحسان أو راغب علامة خمس ساعات في طائرة فعندي المزيد، لأنني في الليلة السابقة لسفري كنت خارجاً من عشاء مع مستشاري مؤسسة الفكر العربي في مطعم يطل على البحر في منطقة الروشة عندما التقيت بالفنان العراقي المميّز كاظم الساهر، واستعدنا بعض الذكريات عن صديق مشترك هو الشاعر الحبيب نزار قباني.
كنت في 21/8/1997 أبديت في هذه الزاوية إعجابي بأغنية «زيديني عشقا زيديني...» كلمات ولحناً وأداء، وعلقت على بعض أبياتها، كما أشرت إلى أغنيات أخرى لأخينا كاظم من قصائد نزار مثل «علمني حبك». ورد عليّ نزار بمقال عنوانه «رئيس التحرير الموسيقار» لم انشره ما اغضب نزار كثيراً، فقد كان المقال الوحيد له الذي لم ينشر في عشر سنوات من إسهامه في «الحياة»، إلا انه عاد فصفح عني وقبل عذري. وسرني أن أجد في بيروت هذه المرة الأخ كاظم الساهر، فإلى جانب أغنياته الجميلة تجمعنا الذكريات مع نزار قباني.
اليوم اكتب طلباً للترفيه عن القارئ بإبعاده عن السياسة ولو مرة في الأسبوع، إلا أنني أخشى أن أكون أغظته بالكلام عن الحسان في الطائرة وراغب علامة وكاظم الساهر. مش قصدي أبداً، وما على القارئ إلا أن يتذكر أنني متزوج جداً وجبان ليدرك أن حظي من الحسان في البر والبحر والجو هو المثل: شم ولا تذوق.
" المصدر "
المفضلات